للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد وصفهم بالأفخم، المكرم، الأخ، جناب، الشيخ. فمثل هذه الألقاب تعطي مكانة للمرسل إليه، فيبعث ذلك الفرح والسرور في نفسه، وهذا خلق إسلامي رفيع المستوى، تمثله الملك المربي الموجه الذي عرف حق رعيته وعلماء أمته. (انظر الرسالة الرابعة والسابعة والثامنة) .

سابعاً: إزالة الجهل عن الرعية بدينها الحق:

مما ظهر للباحث - من خلال إمعان النظر في الرسائل - أن الملك عبد العزيز -يرحمه الله- وضع نصب عينيه سؤال الله -تعالى- له يوم القيامة عن تطبيق قوله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} (١) . فأوجب على نفسه من خلال نعمة الله عليه - من تمكينه من ملك هذه الجزيرة العربية المسلمة - الاهتمام بالإسلام، وما ذلك إلاَّ لرفع الجهل بالدين، وإزالة ما كان يشوبه من الانحرافات الشركية أو البدعية أو الخرافية وما شابه ذلك.

فوضع الملك الراعي أمانة هذه المسئولية أمانة في أعناق العلماء، كما جاء في رسالته للشيخين الفاضلين أبي يسار الدمشقي وناصر الدين الحجازي حين قال لهما: "الحمد لله الذي جعل لأهل الحق بقية وعصابة تذب عن دين المرسلين وتحمي حماه عن زيغ الزائغين، وشبه المارقين والملحدين... وهذه منة عظيمة حيث جعلكم الله في هذه الأزمان التي غلب على أكثر أهلها الجهل والهوى والإعراض عن النور والهدى... إلى أن ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النعم" (٢) (انظر الرسالة التاسعة) .


(١) سورة الحج، آية ٢١.
(٢) صحيح البخاري، باب مناقب علي رضي الله عنه، دار إحياء التراث الإسلامي، بيروت، د. ت جـ٥ ص٢٢-٢٣ حديث رقم (١) ، وسنن أبي داود، كتاب العلم، باب فضل نشر العلم، دار الحديث، حمص، ١٣٩٣هـ، جـ٤ص٦٩ حديث رقم (٣٦٦١) .