للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسعى بإخلاص إلى إعادة هذا الموروث السلفي – الذي يلزم عموم المسلمين فجعله محور دعوته ولب جهاده، مع يقينه بأثرها الناجح في تربية شعبه ونهضته، يقول -رحمه الله-: "مثل هذه البادية في حياتها، كمثل أرضها تظل قاحلة، إلى أن يسقيها الغيث فإذا سقيت أخضرت وأزهرت، كذلك هي في رجالها، تستمر عصوراً وهي مستغرقة في جهالتها، ويبرز فيها رجل يحسن تنظيمها وتوجيهها، فتنقلب الحياة في كل ناحية من نواحيها" [١٩] . فعقيدة التوحيد في نظر الملك الإمام، قوة متجددة تؤدي دورها التجديدي في بعث الأمة ووحدتها في كل أوان، متى أراد أهلها ذلك، وتهيئة الأسباب المعينة على ذلك، ومن أهمها بعد توفيق الله – وجود مصلح حكيم، يحسن تنظيمها نحو الإصلاح – كمثل الملك الإمام – رحمه الله – فكان إشهار هذا الدواء الناجح ضرورة شرعية، وحاجة بشرية، يقتضيها خطاب الشرع الحنيف في كل زمان ومكان، فضلاً عن ظروف الجزيرة العربية وأحوالها الاجتماعية والسياسية، والتي عادت بعد سقوط الدولة السعودية الثانية إلى سبل التناحر والتقاتل، فأعلن -رحمه الله- لشعبه منذ خطواته الأولى أنه لم يأت لإحياء مكاسب دنيوية، وكثيراً ما يقول مبتهلاً في دعائه المنيب: "اللهم إن كان قصدي إعلاء كلمة الله ونصرة الإسلام والمسلمين فأرجو منك التوفيق والتأييد والنصر، وإن كان قصدي خلاف ذلك، فأرجو منك أن تريحني بالموت العاجل" [٢٠] ولم يكن ترسيخ العقيدة في نفوس أبناء العرب بالأمر الهين، ولاسيما بعد طول عهدهم بمعرفتها، فقد واجه الملك الإمام مصاعب عدة، تنبثق من جبلة العرب، ونزعتهم نحو الحرية والاستقلالية وأنفتهم الشديدة من الانصياع للنظام، يقول ابن مانع رحمه الله: "لقد كان من أعظم مشكلات ابن سعود في بناء دولة مستقرة تلك المشكلة التي واجهت كل زعيم في الصحراء وهي نزعة رجال القبائل الجادة إلى الاستقلال، وحبهم للحرب وسرعة تغيير ولائهم" [٢١] ولكنه رحمه الله سعى بلباقة وحكمة وجلد