للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والراجح أن الإظهار في موضع الإضمار لا يجوز إذا كان ذلك في جملة واحدة نحو: زيدٌ أكرمت زيداً، إلا في الضرورة، لكون الإضمار أخفَّ وأبعد عن الشبهة واللبس.

فإذا أعيد في جملة أخرى، أو قصد به التفخيم، والتعظيم حَسُن.

حذف العائد المجرور مع اختلاف متعلق الجارين:

من المعلوم أنه يجوز حذف العائد المجرور بحرف جرٍّ إنْ جَرَّ الموصولَ حرف مثله مع اتفاق متعلقي الحرفين لفظاً ومعنى، أو المضاف إلى الموصول، أو الموصوف بالموصول نحو: مررت بالذي مررت به، أو بغلام الذي مررت به، أو بالرجل الذي مررت به، فيجوز حذف "به"هاهنا.

قال ابن مالك:

كذا الذي جُرَّ بما الموصولَ جَرّْ

كمُرَّ بالذي مررتُ فهو بَرّْ (١)

ومن ذلك قوله تعالى: {مَا هَذا إلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُم يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} (٢) .

فالموصول وهو "ما"مجرور بـ"مِنْ" التبعيضية، وهي متعلقة بقوله: "يشرب"قبلها، والعائد المحذوف مجرور بـ"مِنْ"التبعيضية وهي متعلقة بقوله "تشربون"، والتقدير: ويشرب من الذي تشربون منه. فاتفق الحرفان لفظاً ومعنى ومتعلقاً.

فالعائد المجرور يجوز حذفه عند الجمهور بشروط ثلاثة:

الأول: أن ينجرّ الموصول بمثل الحرف الجار للعائد لفظاً، فإذا اختلفا لفظاً لم يجز الحذف نحو: حللت في الذي حللت به.

الثاني: أن يتفق الحرفان معنى، فإذا اختلفا لم يجز الحذف نحو: مررت بالذي مررت به، مريداً بإحدى البائين السببية، والأخرى الإلصاق.

الثالث: أن يتفقا متعلقاً، فلو اختلف المتعلق لم يجز الحذف نحو: سررت بالذي مررت به.


(١) الألفية ص١٥.
(٢) من الآية ٣٣ من سورة المؤمنون.