للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أورد ابن مالك جملة من الشواهد على ذلك غير البيت المستشهد به هاهنا تدل على أن المسألة ليست شاذة أو ضرورة، بل ليست نادرة.

تقديم معمول الصلة على الموصول:

قال ابن مالك في باب "إن"وأخواتها:

ولا يلي ذي اللامَ ما قد نُفيا

ولا من الأفعال ما كرضيا (١)

قال الأزهري: "كرضيا: في موضع صلة "ما"الثانية، والألف للإطلاق، وتقدير البيت: ولا يلي الخبر الذي قد نفي ولا الخبرُ الذي كرضي حال كونه من الأفعال هذه اللامَ. ففيه تقديم معمول الصلة على الموصول وذلك جائز في الشعر".

قلت: اختلف النحاة في تقديم معمول الصلة على الموصول. فجمهور البصريين على منع تقديم شئ من الصلة على الموصول مطلقاً، سواء كان الموصول اسماً أو حرفاً. فإن جاء ما ظاهره كذلك أوَّلوه.

وذهب الكوفيون إلى جواز ذلك مطلقاً.

وأجاز بعض البصريين تقدم المتعلق بالصلة على الموصول إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً مطلقاً وجعله متعلقاً بالصلة نفسها، لأن العرب تتسع في الظروف والمجرورات ما لا تتسع في غيرها من الفضلات، لكثرة دورانهما في الكلام.

وذهب ابن الحاجب (٦٤٦هـ) إلى جواز تقديم معمول الصلة على الموصول مع "أل"خاصة، كقوله تعالى: {وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدينَ} (٢) ، ومنعه فيما عدا ذلك.

وهو قريبٌ من رأي ابن مالك في شرح التسهيل إلاَّ أنَّ ابن مالك جعل التقدم مع "أل"مطرداً إذا كانت مجرورة بـ"مِنْ"التبعيضية كالآية السابقة، ومَنَعَ التقدم في غير "أل" مطلقاً، ومعها إذا لم تجرَّ بـ"من".

أما في شرح الكافية الشافية فقد قال: "لا تتقدم الصلة ولا شئ يتعلق

بها ... فإن كان الموصولُ الألفَ واللام أو حرفاً مصدرياً لم يجز تقديم المعمول، لأن امتزاج الألف واللام والحرف المصدري بالعامل آكد من امتزاج غيرهما به" فلم يستثنِ ما إذا كانت "أل"مجرورة بـ"مِن"أو لا.

وعلى هذا فإن قوله:

ولا من الأفعال ما كرضيا


(١) الألفية ص ٢٠.
(٢) من الآية ٢٠ من سورة يوسف.