للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جائز عند بعض البصريين لكون المعمول جاراً ومجروراً، وجائز عند الكوفيين دون النظر إلى هيئة المعمول.

أما عند جمهور البصريين وابن الحاجب وابن مالك فلا يجوز إلا في الضرورة.

تقديم معمول خبر "ليس"عليها:

اختلف في خبر "ليس": أيجوز تقدمه عليها أم لا؟ فذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز، لأن "ليس"فعل جامد فلا يجري مجرى المتصرف كما أجريت "كان"مجراه، لأنها متصرفة.

ولأنها في معنى "ما"في نفي الحال، وكما أن "ما"لا تتصرف ولا يتقدم معمولها عليها فكذلك "ليس".

وممن منع تقديم الخبر أبو سعيد السيرافي، والأنباري (٥٧٧هـ) ، كما نُسب المنع إلى أبي العباس المبرد.

وذهب جمهور البصريين إلى جواز تقدمه. وكذا من المتأخرين أبو علي الفارسي (٣٧٧هـ) وابن جني، وابن بَرْهان (٤٥٦هـ) وعبد القاهر الجرجاني (٤٧١هـ) والزمحشري، وأبو البقاء العكبري (٦١٦هـ) وابن عصفور.

ومما احتج به أصحابُ هذا الرأي قوله تعالى: {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْروفاً عَنْهُمْ} (١) ، فقالوا: إن "يوم"معمول "مصروفاً"وتقديم المعمول يؤذن بتقدم العامل.

أما ابن مالك فرأيه رأي الفريق الأول القائل بمنع تقديم خبر "ليس"عليها (٢) ، وقال: لنا في الآية ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن "يوم"مرفوع بالابتداء، وإنما بني على الفتح لإضافته إلى الجملة وذلك سائغ مع المضارع كسوغه مع الماضي.

الثاني: أن المعمول قد يقع حيث لا يقع العامل نحو: أمَّا زيداً فاضرب، فإنه لا يلزم من تقديم معمول الفعل بعد "أمَّا" تقديم الفعل.

الثالث: أن يكون "يوم"منصوباً بفعل مضمر، لأن قبله: {ما يَحْبِسُهُ} ، فـ {يَوْمَ يَأْتيهمْ} جواب، كأنه قيل: يعرفون يوم يأتيهم و {لَيْسَ مَصْرُوفاً} جملة حالية مؤكدة أوِّ مستأنفة.


(١) من الآية ٨ من سورة هود.
(٢) انظر: شرح التسهيل ١/٣٥١، شرح عمدة الحافظ ١١٢.