للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذاً: فإن ابن مالك يرى أنه لا يجوز تقديم خبر "ليس"عليها ولا معمول الخبر كما هو ظاهر كلامه وتخريجه للآية.

ومع هذا فقد جاء في ألفيته ما يخالف هذا، حيث قال في باب "الوقف":

والنقلُ إنْ يُعدم نظيرٌ ممتنعْ

وذاك في المهموز ليس يمتنعْ

فإن "ذاك"مبتدأ و"في المهموز" جار ومجرور متعلق بقوله: "يمتنع"،

و"ليس"فعل ماض واسمها ضمير مستتر فيها، وجملة "يمتنع"خبرها. والجملة من "ليس"واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو اسم الإشارة "ذاك"، والتقدير: وذاك النقل ليس يمتنع في المهموز، فقدم معمول خبر "ليس"عليها وهو ممتنع عند الجمهور. - ومنهم ابن مالك - كما تقدم - وهذا ضرورة.

قال الأزهري (٩٠٥هـ) :

"إلا أن يقال بجوازه في الظروف على حَدِّ قوله تعالى: {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} (١) ".

الفصل بين العامل، والمعمول بالأجنبي:

قال ابن مالك في "فصل: الأحرف المشبهة بـ"ليس":

وسبقَ حرفِ جَرٍّ او ظرفٍ كما

بي أنت معنياً أجاز العلما

تقدير البيت: أجاز العلماء سبق حرف جر ومجروره أو ظرف معمول

"ما"حال كونهما متعلقين بخبر "ما"نحو: ما بي أنت معنياً، والأصل: ما أنت معنياً بي. وقد فصل بين "سبق"وعامله "أجاز" بالمثال وهو أجنبي منه. وهذا مختص بالضرورة الشعرية. قاله الأزهري.

وجمهور النحاة - العالمون بما يتكلم به العرب - لا يجيزون الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي إلاَّ في حال الضرورة كقول الفرزدق:

وإني لأطوي الكشحَ منْ دونِ مَنْ طوى

وأقطع بالخرقَ الهبوعِ المُراجمِ

أراد: وأقطع الخرقَ بالهبوعِ، ففصل بين الجار ومجروره بالمفعول وهو قوله: الخرق.

ومثل ذلك - بل أقبح منه - قول الفرزدق:

وما مثله في الناس إلا مملكاً

أبو أمه حيٌّ أبوه يقاربه

فحق الكلام وما ينبغي أن يكون عليه اللفظ: "وما مثله في الناس حيٌّ يقاربه إلاَّ أبو أمه أبوه".


(١) من الآية ٨ من سورة هود.