ففرَّق بين المبتدأ وخبره بما ليس منه، من قبل أن قوله: "أبو أمه أبوه"مبتدأ في موضع نعت المملك، ففرَّق بينهما بقوله: "حيٌّ"و"حيٌّ"خبر "ما".
وعليه فإن بيت ابن مالك السالف الذكر يُحمل على الضرورة التي ألجأته إلى ذلك كما ألجأته في غير هذا الموضع من الألفية.
تقديم معمول الفعل المؤكد بالنون:
قال ابن مالك في باب "المعرب والمبني":
والرفعَ والنصبَ اجعلَنْ إعرابا
لاسمٍ وفعلٍ نحو: لن أهابا
أعرب بعضهم كلمة "الرفع"مفعولاً به مقدماً للفعل "اجعلن".
وهو معترض بأن الفعل المؤكد بالنون لا يتقدم معموله عليه.
وقد مشى الناظم على ذلك في عدة مواضع من الألفية، كقوله في باب "اسم الإشارة":
وبهنا أو ههنا أشر إلى
داني المكانِ وبِهِ الكافَ صلا (١)
وقوله في "باب التمييز":
والفاعلَ المعنى انصبن بأفعلا
مفضِّلاً كأنت أعلى منزلا
وقوله في باب "النائب عن الفاعل":
وثالثَ الذي بهمز الوصلِ
كالأول اجعلنَّه كاستُحلي
وقد حاول بعض المعربين التماس بعض التأويلات والتقديرات لتصحيح هذه المخالفة، كإعرابهم المعمول مفعولاً به لفعل محذوف يفسره الآتي المؤكد بالنون وهو "اجعلنْ"و "صلا"و "انصبن"و "اجعلنَّ"في الأبيات السابقة مع أن الفعل المؤكد بالنون لا يصلح أن يفسر عاملاً محذوفاً قبله، ولما في ذلك من تهافت بلاغي أيضاً.
وقيل: إذا كان المعمول ظرفاً أو جاراً ومجروراً جاز تقديمه على عامله المؤكد بالنون دون غيرهما من المعمولات كقول ابن مالك:
كالأول اجعلنَّه كاستُحلي
بناءً على أنه يتوسع في شبه الجملة ما لا يتوسع في غيرها.
وهو غير بعيد لديَّ، غير أني أميل إلى عدم التعسف والتكلف، ويكفي القول بأن ضرورة النظم هي التي ألجأته إلى ارتكاب المخالفة كغيرها من الضرائر التي ارتكبها في الألفية والتي عرضت جزءاً منها، وسيأتي أمثلة لها أيضاً.
تقديم النائب عن الفاعل على الفعل:
قال ابن مالك في باب "أفعل التفضيل":
(١) الألفية ص ١٤.