للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما بِهِ إلى تعجبٍ وُصِلْ

لمانعٍ به إلى التفضيل صِلْ

أعرب المكودي (٨٠٧هـ) "ما"مبتدأ أو مفعولاً بفعل محذوف يفسره "صل "وهي موصولة، وصلتها: وصل به، و"به"متعلق بـ"وُصل".

فقوله: "و"به"الأول متعلق بـ"وُصل"فيه تقديم النائب عن الفاعل على مذهب الكوفيين. والبصريون يمنعونه.

ويمكن تخريجه على مذهب البصريين على أنه من الحذف والإيصال بأن يكون في "وُصِل"ضمير مستتر كان مجروراً بالباء، والأصل: وما به وصل به، ثم حذفت الباء واستتر الضمير".

قلت: هذه المسألة مبنيَّةٌ على مسألة الخلاف في تقديم الفاعل على الفعل وهي المثبتة في كتب النحو من قبل أن أحكام نائب الفاعل هي أحكام الفاعل التي منها وجوب تأخره عن المسند على مذهب البصريين.

وذهب بعض الكوفيين إلى جواز تقديم الفاعل مع بقاء فاعليته في سعة الكلام نحو: زيدٌ قام، تقديره: قام زيدٌ. وكذلك محمد قعد، وما أشبه ذلك.

ومما استدلوا به قول الزبَّاء:

ما للجمالِ مشيُها وئيدا

أجندلاً يحملنَ أم حديدا

قالوا: معناه وئيداً مشيها.

ووجه الاستدلال أن "مشيها"روي مرفوعاً. ولا يجوز أن يكون مبتدأ، إذ لا خبر له في اللفظ إلا "وئيدا"وهو منصوب على الحال، فوجب أن يكون فاعلاً بوئيدا مقدماً عليه.

وهو عند البصريين ضرورة، والضرورة تبيح تقديم الفاعل على الفعل.

كما خرَّجه كثير من النحويين على أن "مشيُها" مبتدأ، والخبر محذوف، كأنه قال: ما للجمال مشيها ظهر وئيداً، أو ثبت وئيداً. ويكون حذف الخبر هنا والاكتفاء بالحال نظيرَ قولهم: "حكمك مسمَّطا" " فـ"حكمك"مبتدأ حذف خبره لسدّ الحال مسدَّه، أي: حكمك لك مثبتاً.

كما خُرِّج على أن "مشيُها"بدل من الضمير في "للجمال"لأنه في موضع خبر المبتدأ الذي هو "ما".