أما إن تركوا من غير توجيه حقيقي، وأهملوا بلا تعليم موضوعي، أو رتعوا في النعيم، ولانت أظافرهم، أو شعروا بالحرمان من قومهم، تعقدت نفوسهم، وانحرفوا عن سنن الحق واستهانوا بالقيم العالية، وسهلت عليهم المبادئ فداسوها. فإذا ما سلمت إلى هذا الشباب قيادة الأمة، ليوجه دفتها، وأسند إليه زمام الجيل اللاحق ليرود له الطريق وهو لا يحسن عملا، تنازعته الأهواء وسار بمجتمعه إلى الهاوية، فتنتكس الأمور، وتضيع المكاسب، وتظهر المخاسير، وترتد الأمة على أعقابها، ويحل بها الدمار، تحقيقا لسنة الله في الوجود {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} . وتلك من السنن التي لا تتخلف مهما اختلفت الأزمان والأجيال، ولا تتغير مهما تغيرت الأماكن والأوطان {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} .
ولأمر ما كان الإسلام هو الدين الوحيد، الذي عني بالأجنة، قبل أن تكون خيالا يمر على فكر الأبوين، وقبل أن يلتقي عنصر الذكورة بعنصر الأنوثة، فأمر بأن يتخير الرجل المزرعة الصالحة لنطفته، لأن العرق دساس؛ فقال صلى الله عليه وسلم:"تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه، وكان الواقع تصديقا لخبر الرسول وأمره على طول صفحة التاريخ الممتدة عبر القرون.
كما وجه الأنظار، إلى ما يستقر في الأصلاب، مما يتحول مع الليالي والأيام إلى عيال وأجيال فعلم الزوجين، في أول اللقاء بينهما، ووقت جوعهما الجنسي، ولذتهما الغامرة وغفلتهما عن كل شيء، علمهما أن يستعيذا بالله في خشوع ودعاء، وأن يرددا في وعي وقصيد ورجاء:"اللهم جنبنا وجنب الشيطان ما رزقتنا" ليحصنا من الشيطان ما عساه يتكون من جنين في هذا اللقاء.