إن الصبي أمانة بين يديك، وقلبه الطاهر جوهرة نقية، وصحيفة خيرة بيضاء وعجينة لينة تشكلها كما تحب أن تكون، فإن عوّدته الخير، تعوّده وانطبع عليه، ومال إليه، وسعد في دنياه وأخراه، وانتفع به دينه، وفرحت به أمته، وشاركه الثواب أبواه، وكل من أدبه وعلمه ورباه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " - أبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في المفرد -.
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وإن عودته الشر تعوده ومرن عليه، واستساغه ومال إليه، وإن أهملته تولى الشيطان تربيته، وكان الهلاك محققا، وكان الوزر عليك مؤكدا، وبقيت المسئولية تلاحقك، وتأخذ بتلابيبك حتى تقف بين يدي الله، فإن "كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
علموا أولادكم وبناتكم واقع حياتهم، ليعرفوا عيوبهم فيتحاشوها، ويعرفوا محاسنهم، فيستزيدوا منها، وادفعوهم إلى العمل الجاد المثمر، واغرسوا في نفس الجيل الناشئ أمامكم ألا يحتقر عملا، ما دام لمصلحة الأمة، وإن عليه أن يملأ أماكن الأعمال كبيرها وصغيرها، وألا يترك لدخيل ثغرة ينفذ منها إلى ثروة أمته، أو إلى التحكم في مواردها تجارية كانت أو زراعية أو صناعية.
أشعلوا جمرة الإيمان بالله في نفوس الأولاد وصدورهم، البنين والبنات على السواء واشرحوا لهم عزة الإسلام، وبطولة أبطاله، في قصص يقرءونها، وتحكيها الأمهات والمربيات وتنشدها لهم مع الصباح وفي المساء، بأسلوب يجعل معانيها تصل إلى القلب ثم تجري مع الدماء.
علموهم أن هذا العالم الإسلامي، كان ولا يزال مركزا "استراتيجيا"للقوة ومشعلا للهداية والنور، تضافرت عليه عوامل الفساد والضعف، من يوم أن جاست فيه جيوش الاحتلال غازية، يوم أن انصرف قادة المسلمين عن دين الله، وتهاونوا في حق الأمة.