علموهم أن حكم أنفسهم بأنفسهم اليوم في بعض الدول، لم يكن منحة ولا هبة، ولكنه ثمرة من ثمرات ذلك الجهاد المتواصل، ضد الظلم الذي تحمله الآباء والأجداد في جلد، وجاهدوه في عنف، وبعد أن ظل الوطن يئن تحته ومنه العديد من السنوات.
علموهم أن من الخطوة البالغة على كل أمة، أن تقعد عن مواصلة الجهاد كما أمر الله، حتى ولو بعد الوصول إلى الاستقلال، إن العدو الذي ذاق طعم خيراتنا وتمتع بالسيطرة علينا فترة من الزمن، لا يزال يحلق فوق رؤوسنا، عساه يجد فرصة ينقض علينا لامتصاص دمائنا وإذلالنا من جديد، وإنه كذلك من الخطورة على أية أمة، ألا تعمل في كل يوم على كسب الجديد من أساليب الحياة، ترقي به مستواها، وتصل به إلى الجديد من العلوم والاكتشافات بما يرفع شأنها ويقوي جيشها وعزمها، وتستغل بنفسها خيراتها، وإلا تجمدت حياتها وأصبحت عالة وتابعة لغيرها، مهما كثرت أعدادها وأموالها، ثم تصبح فريسة من جديد.
نشئوا أولادكم على الخشونة والجلادة، وتحمل المسئولية، وتحمل شدائد الحياة ومكارهها، وعلموهم أن من يطلب معالي الأمور لابد أن يتحلى بعناصر الرجولة الرشيدة، حتى يستطيع التغلب على مشاكل الحياة، التي لا تنتهي، وأزماتها المتتابعة التي تساير همم الرجال صعودا وهبوطا والأمثل فالأمثل.