للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبأن يبالغ في تفخيم الحروف المفخمة، فيزيد عن الحد المطلوب، وبأن يبالغ في ترقيق الألف المسبوق بحرف استفال حتى يظن أنها ممالة، وبأن يبالغ في تحقيق الهمز المسبوق بحرف مد حتى يتوهم أنه مشدد.

إلى غير ذلك من الأمور التي لا يتنبه لها إلا المهرة العارفون بالتجويد الماهرون به علماً وعملاً الآخذون من أفواه الشيوخ الضابطين فإن هذا وإن كان من اللحن إلا أنه لا يخل بالقراءة الصحيحة ولا يقدح في ضبط التلاوة وحسنها.

وإنما يخل بكمال الضبط ونهاية الحسن والبلوغ بالقراءة إلى أسمى مراتب الإحسان والإتقان.

وعلى هذا لا يكون ارتكاب مثل هذه الأمور الدقيقة جداً محرماً ولا مكروهاً ممن وقع فيه من غير تعمد.

بل يكون خلاف الأولى والأفضل والأكمل، والله الموفق.

وإذا لحن المصلي في الفاتحة فإنه أخل بركن من أركان الصلاة، وعليه فإنه تفسد صلاته.

سواء كان ذلك اللحن مغيراً للمعنى أو للمبنى، وهذا على أرجح قولي أهل العلم.

قال النووي: ولو قال: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:٧] بالظاء بطلت صلاته، على أرجح الوجهين إلا أن يعجز عن الضاد بعد التعلم فيعذر (١) .

قال في النشر: واختلفوا في صلاة من يبدل حرفاً بغيره، سواءً تجانسا أم تقاربا، وأصح القولين عدم الصحة كمن قرأ {الْحَمْدُ} بالعين، و {الدِّينِ} بالتاء أو {الْمَغْضُوبِ} بالخاء أو الظاء.

على أنه في كل ذلك يعتبر الجهد الذي يبذله المكلف في تصحيح قراءته، فإن كان مع اجتهاده وحرصه على التصحيح غلبه لسانه ولم يقو على اجتناب اللحن فلا حرج عليه، لأن التكليف مقيد بالاستطاعة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فبعد استفراغ الوسع في تصحيح القراءة إن وقع المصلي في اللحن فصلاته تجزئه، كصلاة الألثغ، والأعجمي الشديد العجمة، والشيخ الفاني الذي لا يستطيع أن يقوّم لسانه ونحوهم من طوائف الأمة الذين لا يقدرون على تحاشي اللحن (٢) .


(١) الأذكار للنووي: ٤٦.
(٢) سنن القراء: ١٢٨.