للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١-عن عائشة وعبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قالا: لما نزل (١) برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق صلى الله عليه وسلم يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتنم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا ٠

قال القرطبي في معنى الحديث:"وكل ذلك لقطع الذريعة المؤدية إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام"، وقال أيضاً:"ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأعلوا حيطان تربته وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال، حتى لا يمكنوا أحدا من استقبال قبره (٢)

... وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"فحرم صلى الله عليه وسلم أن تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها، كما تقصد المساجد، وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده، لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه، والدعاء به، والدعاء عنده، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده لئلا يتخذ ذريعة إلى الشرك بالله، والفعل إذا كان يفضى إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ينهى عنه، كما نهى عن الصلاة في الأوقات الثلاثة لما في ذلك من المفسدة الراجحة، وهو التشبه بالمشركين الذي يفضى إلى الشرك" ٠


(١) نُزل ونزل، والمعنى: لما نزل ملك الموت، أو حضرت المنية، والوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢) فتح المجيد /٢٣٩.