للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. وقال في موطن آخر:"إنه نهى عن بناء المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك، ونهى عن تكبير القبور وتشريفها وأمر بتسويتها، ونهى عن الصلاة إليها وعندها، وعن إيقاد المصابيح عليها لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثانا، وحرم ذلك على من قصد هذا ومن لم يقصده بل قصد خلافه سدا للذريعة" ٠

٢-وفى الصحيحين وغيرهما (١) أن أم حبيبة وأم سلمة – رضي الله عنهما – ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال صلى الله عليه وسلم:"أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله"٠

قال ابن حجر:"وإنما فعل ذلك أوائلهم ليتأسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدوا كاجتهادهم، ثم خلف من بعدهم خلوف جهلوا مرادهم، ووسوس لهم الشيطان أن أسلافكم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فعبدوها، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك سدا للذريعة المؤدية إلى ذلك (٢)

... وقال ابن القيم بعد ذكره لهذا الحديث وغيره من الأحاديث الناهية عن اتخاذ القبور مساجد:"إن فتنة الشرك بالصلاة في القبور ومشابهة عباد الأوثان أعظم بكثير من مفسدة الصلاة بعد العصر والفجر، فإذا نهى عن ذلك، أي عن الصلاة بعد هذين الوقتين سدا لذريعة التشبه التي لا تكاد تخطر ببال المصلى، فكيف بهذه الذريعة القريبة التي كثيرا ما تدعو صاحبها إلى الشرك ودعاء الموتى واستغاثتهم، وطلب الحوائج منهم، واعتقاد أن الصلاة عند قبورهم أفضل منها في المساجد مما هو محادة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم " ٠


(١) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب ٤٨ جـ١/٥٢٣، وباب ٥٤ جـ١/٥٣١، وكتاب الجنائز باب ٧٠ جـ٣ / ٢٠٨، وكتاب مناقب الأنصار باب ٣٧ جـ٧ / ١٨٧،١٨٨، ومسلم في كتاب المساجد باب ٣ جـ١ / ٣٧٥، والنسائي في كتاب المساجد جـ٢ /٣٣.
(٢) فتح الباري جـ١/٥٢٥.