للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. قال ابن كثير في تفسيره:"أي: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدحة الناس له، أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس، أو يقال: إنه كريم، ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه، ولهذا قال: {وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (١)

... وطريقة التفريق بين الرياء الذي هو النفاق الأكبر، وبين الرياء الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم شركاً أصغر حديث:"إنما الأعمال بالنيات ....." (٢) ، فالنية هي التي تفرق بينهما، وقد وضح ذلك وفصله الشيخ حافظ الحكمي فقال:" ...... فإن كان الباعث على العمل هو إرادة غير الله عز وجل والدار الآخرة فذلك النفاق الأكبر ...، وإن كان الباعث على العمل هو إرادة الله عز وجل والدار الآخرة، ولكن دخل عليها الرياء في تزيينه وتحسينه فذلك هو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر وفسره بالرياء العملى ...... " ٠

... ولخطورة هذا النوع من الشرك أيضاً، ولخفائه أحياناً، وصيانة لجانب التوحيد، فقد سدَّ الشارع كل الوسائل المفضية إلى الوقوع فيه، وسأبين ذلك من خلال المبحثين التاليين:

المبحث الأول: سد الذرائع في الألفاظ

لقد تهاون كثير من الناس في هذه المسألة، وأصبحوا يطلقون كلمات توقعهم في هذا اللون من الشرك، ولكثرة وقوعه وانتشاره بدأت الحديث عنه في هذا الفصل، ومن أمثلة سد الذرائع في هذا الباب ما يلي:


(١) تفسير ابن كثير جـ١ / ٤٧٠.
(٢) أخرجه البخاري في مواطن منها كتاب بدء الوحي باب ١ جـ١ / ٩، ومسلم في كتاب الإمارة باب ٤٥ جـ٣ / ١٥١٥.