وإذا ما اجتَهد وَليُّ الأَمْرِ عِند اختيارِ عُمَّالِه بانتقاءِ الصَّالح مِنهم ثمَّ تَبيَّن أن مِن بَيْنهم من لا يَصْلح للعَمل - بأن ظَهرت مِنه خِيانَة - فلا يَتردَّد في عَزْله ومُعاقبتِه وحِسَابِه ليكونَ عِبْرة لِغيره. وما ترْكُ المذْنِب بلا عِقابٍ ولا حِسابٍ إلاَّ نوعٌ مِن الاسْتِفْزازِ للمخْلِصين، وتثْبيطًا لهِمَمِهم.
وعليه تَفقّد أَحوالهم، ومُراقبه أَعمالهم، لا يَسْقط ذلك عنه بدعوى الثِّقة فِيهم، ولا بالانشِغَال عَنْهم.
فإن هُو عَلِم بالتَّقصير فجَامَل أَو تَجمَّل، أَو تغابا، فتلك مُصيبة. وإن كان جاهِلاً بهِ فالمُصيبة أَعظم. لأَنَّه المسئول الأوّل عَن كلِّ مَظْلمة أَو خَطأ يَقَع مِنهم عَلى الرَّعيّةِ.
كان عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه يتفقَّدُ بَعض أَحياء المدينة إِذْ مَرَّ بعجوزٍ وحولَها صِبية يَبْكون وهي تَقول: اللهُ بيْنَنا وبَيْن عُمر.
فاسْتوقفه ذلك وسألها: وما يُدْري عُمر بِكُم؟! ردَّت عَليه - وهي لا تَعْرِفه -: يَتَولَّى أَمرنا ثُمَّ يَغْفُل عَنَّا.؟!