للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ذلك يقول حين ذكر مؤلّفه أبا تراب: "وقد قرأت كتابه، فاستحسنته، ولم أره مُجازفاً فيما أودعه، ولا مُصحّفاً في الّذي ألّفه".

ومما يرفع من قيمة الكتاب أنّه كبير (١) ، غزير المادّة الّتي أخذها عن علماء عصره، كشمر، وأبي سعيد الضّرير، وملازمته إيّاهما سنين عدّة، وسماعه منهما كتباً جمّة، سوى ما سمع من الأعراب الفصحاء لفظاً، وحفظه عن أفواههم خطاباً (٢) .

ولكتاب "الاعتقاب"نصيب من الأثر في مصنفات اللّغويّين الّذين جاءوا بعده، الّتي نقل أصحابها عنه منذ أواخر القرن الثّالث، فقد وَجَدَتْ نصوصُهُ اللّغويّة طريقها إلى مصنّفات كثير من اللّغويّين، وبخاصّة الأزهريّ في التّهذيب، كما سيأتي، ومن هؤلاء من صرّح باسم أبي تراب أو كتابه، ومنهم من لم يصرّح بشيء من ذلك إلا في النّادر، تمشّياً مع منهجه في الاختصار، كما فعل الصّاحب بن عبّاد في "المحيط في اللّغة".

ولما تعذّر القطع بأثر "الاعتقاب"في نصوص لم يصرّح أصحابها بالنّقل عنه أو عن مؤلّفه فقد اكتفيت بتتبّع أثره في مصنّفات وجدت فيها تصريحاً بذلك، ورتّبتها زمنياً، وهي:

١- "التّكملة"لأبي حامد الخارْزَنجي البُشتيّ (٣٤٨هـ)

وهو تكملة لكتاب العين للخليل، ويتعذّر أن نعرف – على وجه الدّقّة – مقدار الأثر الذي كان لأبي تراب في هذا الكتاب، لأنّه مفقود، فيبقى لنا تلمس ذلك من خلال ما نقل عن "التّكملة"من نصوص، وهي قليلة، ومن ذلك ما أورده الأزهريّ (٣) من مقدّمة كتاب "التّكملة"هذا، وفيها ذكر لأبي تراب، وإشارة إلى اعتماده مصدراً من مصادره، وروى الصّاحب بن عبّاد نصاً عنه عن أبي تراب، وهو في الإبدال والتّعاقب، قال الصّاحب: "الخارْزَنجي عن أبي تراب: حَمَظَهُ وحَمَزَهُ: بمعنى واحد، أي: عصره".


(١) ينظر: إنباه الرّواة ٤/١٠٢.
(٢) التهذيب ٢/١٤٥.
(٣) ينظر: التّهذيب ١/٣٢ -٣٤. .