وسألناه: ما رأيك في الأدب الغربي، والمحاولات التي تستهدف صبغة الأدب "العربي"بالصبغة الغربية..؟ فأجاب: الأدب في كل أمة من الأمم شيء ضروري يعد من مستلزمات الحياة الإنسانية فلا يمكن لأية أمة من الأمم أن تستغني عنه إلا إذا أمكنها الاستغناء عن الغداء. ذلك أن الطعام والشراب هما قِوام الأبدان، وهما الطاقة التي تبعث الدفء والحركة في أجسام الناس، والأدب في نفس المستوى إلا أن مهمته أنبل وأسمى لأنه غذاء "الروح"وتأتي أفضليته من جهة: أن باقي الكائنات الحية تشارك بني الإنسان في الاستمتاع بالأطعمة والأشربة، وينفرد بنو الإنسان عنها "بالأدب".
أنا لا أنفي ما يجوزه العقل، ولا أثبت شيئاً لم يثبت حتى الآن بالنقل.. والأدب الغربي أدب غربي لأهله الأوروبيين يلامس وجدانهم، وبالتالي هو جزء لا يتجزأ من بيئتهم يتذوقونه ويرتاحون له كما يرتاحون لموسيقاهم التي هي في آذان بعضنا: صواعق منذرة بالويل والثبور وعظائم الأمور..
فكذلك الأدب العربي، أدب عربي من صميم بيئة العرب وواقعهم ومثلهم العليا، وتقاليدهم المثلى. أما محاولة صبغ الأدب العربي بصبغة غربية فهي محاولة فاشلة؛ لأنها مجرد معاينة العربي لنوع أدبي من هذا القبيل فإن نفسه الصافية، وفطرته السليمة تنفر من ذلك غاية النفور فيكون ذلك بمثابة وأد لهذه الفكرة وهي بعد في مهدها..
قلنا: إذن أنت تعارض التجديد وهي سنة من السنن الكونية التي تتم عن طريق تلاقي الأفكار، واتصال الأمم بعضها ببعض؟
فقال: أنا لا أعارض التجديد في أي شيء وخاصة في الأدب.. إنّ التجديد كما تفضّلتُما سنة من السنن الكونية التي ترافق بني الإنسان في سيرهم الطويل، والتطور والتجديد يكونان في كل شيء: في العمران، وفي المواصلات، وفي المعيشة، وفي وسائل الثقافة والترفيه إلى آخر ما هنالك..