للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢- مصالح حاجية: وهي رفع المشقة ودفع الحرج والضيق عن الناس فبفقدها لا تختل حياتهم، بل يصيبهم حرج وضيق لا يبلغان مبلغ الفساد المتوقع في فقد الضروريات، كتيسير حاجاتهم بإباحة البيع والإجارة ونحوهما، وتخفيف التكاليف عنهم بقصر الصلاة والفطر في رمضان للمسافر وإباحة المسح على الخفين، ونحو ذلك.

٣- مصالح تحسينية: وهي مالا يدخل في النوعين السابقين، بل يرجع إلى اجتناب ما لا تألفه العقول الراجحات، وإلى الأخذ بمحاسن العادات وما تقتضيه المروءات ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق ورعاية أحسن المناهج في العادات والمعاملات، مثل ستر العورة وأخذ الزينة عند كل مسجد، والأخذ بآداب الأكل والشرب وتجنب الإسراف والامتناع عن بيع النجاسات وما أشبه ذلك.

ودليل انحصار مصالح الخلق في هذه الأنواع الثلاثة: استقراء مصالح الناس وتبيُّن رجوع كل مصلحة منها إلى نوع من هذه الأنواع، وقد يتردد الباحث في إلحاق شيء منها بأحد الأنواع، ولكن لا يتردد في عدم خروجه منها بحال.

قيام الشريعة على أساس مصالح العباد:

الشريعة الإسلامية مبنية على تحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، سواء ما أمرتْ به من فرائض ومندوبات أو ما نهتْ عنه من محرمات ومكروهات فهي في كل ذلك تهدف إلى تحقيق مقاصد ومصالح وحكم، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: " ... فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد، في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليستْ من الشريعة، وإنْ أُدخلتْ فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها ... ".