للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالشريعة إذاً ليست تعبّدية تحكّمية تحلّل وتحرّم دون أن تقصد إلى شيء وراء أمرها ونهيها، وحظرها وإباحتها، وبعبارة أخرى: إن أحكام الشريعة الإسلامية - في جملتها - معللة عند الجماهير من أهل العلم وإن لها مقاصد في كل ما شرعتْه وإن هذه المقاصد والحكم معقولة ومفهومة في الجملة، بل معقولة ومفهومة تفصيلاً إلا في بعض الأحكام التعبدية المحضة التي يصعب تعليلها تعليلاً مفصّلاً ظاهراً معقولاً مثل ما ورد في الأحكام والعبادات من تحديدات وهيئات ومقادير كعدد الصلوات وعدد الركعات في كل صلاة وجعل الصيام شهراً وفي شهر معين، وكذا بعض تفاصيل الحج وأحكام الكفارات ومقاديرها والعقوبات المحددة (الحدود) ، من حيث نوعها ومقاديرها وعدد الأشهر في العدة والذبح في المحل المخصوص في الحيوان المأكول وغير ذلك مما استأثر الله بعلمه ولم نطلع عليه. فهذه الأحكام التعبدية يصعب تعليلها بالتفصيل - وإن كانتْ هي معللة في أصلها وجملتها.

قال الشاطبي: "وقد عُلم أن العبادات وُضعت لمصالح العباد في الدنيا أو في الآخرة على الجملة - وإن لم يُعلم ذلك على التفصيل، ويصح القصد إلى مسبباتها - ثمرتها وفوائدها - الدنيوية والأخروية على الجملة".