للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال إمام الحرمين الجويني بعد أن عرض آراء العلماء فيما يُعلل وما لا يُعلل من الأحكام وذكر نماذج لتعليلاتهم، وفي معرض ذكر تقسيمه الخماسي للعلل والمقاصد الشرعية. قال: "والقسم الخامس: هو ما لا يظهر له تعليل واضح ولا مقصد محدد، لامن باب الضرورات، ولا من باب الحاجات، ولا من باب المكرمات - أي التحسينات - قال: وهذا يندر تصوره جداً" ثم مثل له بالعبادات البدنية المحضة، لكنه سرعان ما نبه على أن هذه العبادات يمكن تعليلها تعليلاً إجمالياً، وهو أنها تمرن العباد على الانقياد لله تعالى وتجديد العهد بذكره مما ينتج النهي عن الفحشاء والمنكر ويخفف من المغالاة في اتباع مطالب الدنيا ويذكر بالاستعداد للآخرة ... "قال: "فهذه أمور كلية لا ننكر على الجملة أنها غرض الشارع في التعبد بالعبادات البدنية، وقد أشعر بذلك بنصوص من القرآن العظيم في مثل قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (١) (٢) .

وقال ابن القيم:"وبالجملة فللشارع في أحكام العبادات أسرار لا تهتدي العقول إلى إدراكها على وجه التفصيل، وإنْ أدركتْها جملة".


(١) سورة العنكبوت آية: ٤٥.
(٢) البرهان ٢ / ٩٥٨.