وطالب الأزهر يذهب إلى المحاكم ليرى سير الدفاع والمرافعات أو إلى البنوك ليرى أنواع المعاملات أو إلى المساجد ليسهم في الوعظ والإرشاد والدعوة إلى الله تعالى.
وكل ذلك سيفتح أمام الطالب مجالاً للدراسة والتحصيل كما سيمكن الجامعة من اكتشاف طاقات مجهولة واستخدام خامات صالحة كما ستكسب الأمة من وراء ذلك فوائد في كل ميدان. وقد تستطيع الحكومة أن تستفيد من مثل هذا العمل فتستعين بالطلاب الجامعيين في بعض الظروف التي كانت تضطر فيها لاستخدام العسكريين في الأمور المدنية فتكسب روحاً علمية وشعورًا وطنياً وعملاً إنسانياً وتنقل الطلاب من فراغ وكسل إلى إنتاج وعمل, {وَقُلِ اعْمَلُوا ... } .
وقد رسم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الطريقة في هذا كله قولاً وعملاً.
أما قولاً: فقد مر بقوم يحفرون لحدًا لميت فنظر فإذا به معوجًا فأمرهم أن يصلحوه وقال: "إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يحسنه", فأرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى إحسان العلم ولو لم يسهم عمليًا.
ومن حديث أبي ذر في الصحيحين أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أي الرقاب أفضل؟ "قال: "أنفسها", قلت:"يا رسول الله فإذا لم أفعل؟ "قال: "تعين صانعًا أو تصنع لأخرق", قلت:"فإن لم أفعل؟ "قال: "تدع شرّك عن الناس فإن ذلك صدقة منك على نفسك".
وأما عملياً فقد مرّ على رجل ذبح شاة له وهو لا يحسن سلخها فقال:"ألا أريك كيف تفعل؟ فأدخل يده صلى الله عليه وسلم بين إهابها واللحم وأدراها, وقال: هكذا فافعل".
فهذا إسهام عملي في توجيه أفراد الأمة حتى في أمور دنياها كما يرشدهم في أمر دينهم.
وقد أسهم صلى الله عليه وسلم في بناء المسجدين: مسجد قباء, ومسجد المدينة المنورة, وحفر الخندق.