وقال محمد بن الحسن لا يجري بين المسلم والحربي ويجري بين مسلمين وإن لما يهاجرا.
قلنا أحكام الله جل جلاله على العباد لا تختلف باختلاف الدار كالأوامر ولو أسلم حربي فقبل أن هاجر إلى دار الإسلام قتله مسلم يجب عليه القود. وعند أبي حنيفة لا يجب فنقيس على المهاجر.
وقد ذكرنا حكم الغنيمة وما صار إلينا من أموال الكفار وحكم من خان فيها أو سرق شيئاً منها أو وطيء جارية منها في كتاب قسم الفيء بعون الله وحسن توفيقه.
باب المبارزة
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه بارز يوم الخندق عمرو ابن عبدود.
وروي أنه خرج يوم بدر من صف الكفار عتبه بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة والوليد بن عتبة ودعوا إلى المبارزة فخرج إليهم فتية من الأنصار عوف ومعوّذ ابنا الحارث وأمهما عفراء وعبد الله ابن رواحة فقالوا من أنتم قالوا رهط من الأنصار قالوا مالنا بكم حاجة، ثم نادى مناديهم يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث، وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب بالخروج إليهم فخرجوا وقتلوهم.
تجوز المبارزة في الحرب لمن كان شجاعاً، وكذلك الإعلام وهو أن يتعمم بعمامة سوداء، أو يتعصب بعصابة حمراء، أو يُعلم فرسه سواء فعل بإذن الإمام أو دون إذنه فإن ابني عفراء وعبد الله بن رواحة خرجوا يوم بدر بغير إذن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليهم وأعلم حمزة يوم بدر. وعند أبي حنيفة لا يجوز البراز إلا بإذن الإمام.
وإذا خرج مشرك ودعا إلى المبارزة فالمستحب أن يبرز إليه مسلم؛ لأنه إذا لم يبرز تضعف قلوب المؤمنين ويجترئ الكفار عليهم وهل يجوز للضعيف أن يبارز فيه وجهان:
أحدهما: يجوز لأن التغرير بالنفس في الجهاد جائز كما يجوز للضعيف أن يجاهد.
والثاني: لا يجوز لأن المقصود من المبارزة إظهار القوة وذلك لا يحصل من الضعيف.