رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له سلمان: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، فقرَّب سلمان الطعام إلى النبي فقال لأصحابه:"كلوا منه". وأمسك هو فلم يأكل، فقال سلمان في نفسه: هذه واحدة من العلامات التي ذكرها أسقف عمورية، ثم عاد سلمان إلى بيته وجمع طعاما آخر وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه فأكلوا معه. فقال في نفسه: وهذه علامة أخرى.
ثم قابل سلمان رضي الله عنه بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد -مقبرة المدينة - فقص عليه قصته فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"كاتب يا سلمان"، فكاتب سيده على إحياء ثلثماية نخلة بأرض الفقير وعلى أربعين أوقية.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"أعينوا أخاكم"، فأعانوه، فكان الرجل يأتي بثلاثين والآخر بعشرين وبعضهم بخمس عشرة أو بعشرة إلى أن تم العدد المطلوب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهب يا سلمان ففقر لها ثم ائتني فأضعها بيدي"فذهب سلمان ففقر لها وأعانه أصحابه، فلما فرغوا حضر سلمان وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله معه، فجعل سلمان وأصحابه يقربون النخل من الرسول، وهو يضعه بيده، حتى فرغ منها، وقد حيت جميعها ولم تمت منها واحدة وبقي المال على سلمان، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاج من ذهب فقال له:"خذ هذه فأدها مما عليك" فأوفى سلمان ما عليه لسيده وأصبح حرا مسلما. وشهد مع رسول الله غزوة الأحزاب التي أشار فيها بحفر الخندق، ولم يفته مشهد بعد ذلك من المشاهد الإسلامية.
وفي هذه القصة عبر ينبغي ألا تفوتنا ملاحظتها:
١- أن الرغبة الصادقة في الوصول إلى المطلوب مع الصبر والجلَد توصل إليه.