للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء عند الإمام أحمد (١) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - المرفوع وفيه ذكر وصية نوح - عليه السلام - لابنيه عندما حضرته الوفاة ومما جاء فيه: "آمركما بلا إله إلا الله.. وآمركما بسبحان الله، وبحمده، فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء". قال العراقي: إسناده صحيح (٢) ، وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات (٣) .

وهكذا يظهر جليًا ما للذكر والدعاء من أهمية بالغة في استجلاب الخير والبركة وطرد للمكروه والعوز وإبعاد للشيطان وإرغام له ولجنده. ولهذا لزم الإنسان ملازمة الذكر والدعاء للفوز بالسعادة الأخروية والدنيوية على حد سواء، والله أعلم.

المطلب الخامس: شكر الله تعالى وحمده

الشكر: هو استعمال نعم الله تعالى في محابه، كما قال الغزالي (٤) ، وقال في موضع آخر: "وجود الزيادة في المال نعمة وشكرها أن تصرف إلى الخيرات أو أن لا تستعمل في المعصية" (٥) . وقال ابن القيم: "الشكر، هو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده، ثناءً واعترافًا، وعلى قلبه شهودًا ومحبة، وعلى جوارحه انقيادًا وطاعة" (٦) . وقال القرطبي نحو هذا (٧) .

وقد فرق بعض العلماء جزئيًا بين الحمد والشكر، فجعلوا بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه، لكن رجح أبو جعفر الطبري أن الحمد قد يُنطق به في موضع الشكر، وأن الشكر قد يوضع موضع الحمد، لأن ذلك لو لم يكن كذلك لما جاز أن يقال: "الحمد لله شكرًا" (٨) .


(١) المسند (٢/٢٢٥) .
(٢) المغني عن حمل الأسفار في الأسفار (١/٦٤) حديث رقم ٩٥٢.
(٣) مجمع الزوائد (٤/٢٢٠) .
(٤) إحياء علوم الدين (٤/٨٥) .
(٥) إحياء علوم الدين (٤/١٣١) .
(٦) مدارج السالكين (٢/٢٥٤) .
(٧) الجامع لأحكام القرآن (١٤/٢٦٤) ، وانظر - أيضاً - فتح الباري (٣/١٥) .
(٨) جامع البيان عن تأويل القرآن (١/١٣٨) .