للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. بعدم التسليم بأن فعل الأب غير موجب، فإنه يقتضي الإيجاب لكونه تمحض عمدا عدوانا، والجناية به أعظم إثما وأكثر جرما، ولذلك خصه الله تعالى بالنهي عنه، فقال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ} ثم قال: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} (١) ، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أعظم الذنب، قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلَقك، ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " (٢) ، فجعله أعظم الذنوب بعد الشرك. (٣)

واعترض أيضا:

... بعدم التسليم بسقوط القصاص عن شريك الخاطئ، وعلى التسليم بذلك فامتناع الوجوب فيه لقصور السبب عن الإيجاب فإن فعل الخاطئ غير موجب للقصاص ولا صالح له، والقتل منه ومن شريكه غير متمحض عمدا، لوقوع الخطأ في الفعل الذي حصل به زهوق النفس، بخلاف مسألتنا.

٢- أن هذا القتل ثَمَّ موجب للدية فلا يكون موجبا للقصاص كالخاطئ مع العامد إذا اشتركا. وبيان الوصف: أن الواجب على الأب بهذا الفعل الدية لا غير ... فإذا كان لا يستوفى منه إلا الدية عرفنا أنه موجب للدية. والدليل على أن وجوب الدية هو الحكم الأصلي في قتل الأب دون القصاص. (٤)

واعترض عليه:


(١) آية ٣١ من سورة الإسراء.
(٢) أخرجه البخاري ٦/٢٢ في كتاب التفسير، باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} ، وفي كتاب الأدب ٨/٩، ٢٠٤، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه، ومسلم ١/٩٠، ٩١ في كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنب وبيان أعظمها بعده.
(٣) انظر: المغني ١١/٤٩٧.
(٤) انظر: المبسوط ٢٦/٩٥.