للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤- أن فعل الأب موجب للقود ثم سقط عنه القود بعفو الشرع منه عن الأب فلا يسقط عن الآخر؛ لأن عند أوان السقوط أحد القاتلين متميز عن الآخر. والدليل على ذلك أن سبب القود شرعا هو العمد، وثبوت الحكم بثبوت السبب. فإذا كانت الأبوة لا توجب نقصانا في السبب لا يمنع ثبوت الحكم أيضا، وإنما لا يستوفى لئلا يكون الولد سببا في إفناء الوالد بعد أن كان الوالد سبب إيجاده (١) .

الراجح:

... هو القول الثاني، وهو وجوب القصاص؛ لأن فعل الأب قطع الرحم التي أمر الله عز وجل بصلتها، ووضع الإساءة موضع الإحسان، فكان إيجاب القصاص عليه أولى والزجر عنه أهم إلا أنه امتنع من حقه لمعنى مختص بالمحل لا لقصور في السبب الموجب (٢) . فلم يسقط عن شريكه.

... ولأنها نفس مضمونة خرجت بعمد محض، فلم يكن سقوط القود عن أحد القاتلين موجبا لسقوطه عن الآخر، كالعفو عن أحدهما لا يوجب سقوط القود عنهما (٣) .

والضابط الفقهي في هذا الباب، هو:

... أن كل شريكين امتنع القصاص في حق أحدهما لمعنى فيه من غير قصور في السبب فهو في وجوب القصاص على شريكه، كالأب وشريكه (٤) .

... ويدخل تحته ما يلي:

... أن يشترك مسلم وذمي في قتل ذمي، أو حر وعبد في قتل عبد – عمدا وعدوانا – فإن القصاص لا يجب على المسلم والحر، ويجب على الذمي والعبد إذا قلنا بوجوبه على شريك الأب؛ لأن امتناع القصاص عن المسلم لإسلامه وعن الحر لحريته، وانتفاء مكافأة المقتول له. وهذا المعنى لا يتعدى إلى فعله ولا إلى شريكه، فلم يسقط القصاص عنه (٥) .

المطلب الثّالث:

اشتراك اثنين أو جماعة في الجناية على الواحد بالقتل إذا شارك فيها من لا قصاص عليه لمعنى في فعله


(١) انظر: المبسوط ٢٦/٩٤.
(٢) انظر: المغني ١١/٤٩٦.
(٣) انظر: الحاوي ١٢/١٢٩.
(٤) انظر: الحاوي ١٢/١٢٨، المغني ١١/٤٩٧-٤٩٨، الشرح الكبير ٢٥/٧٠.
(٥) انظر: المصادر السابقة، وفتح العزيز ١٠/١٧٩، روضة الطالبين ٧/٣٩-٤٠.