للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (١) .

ولحديث أنس رضي الله عنه: أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية فطلبوا إليها العفو، فأبوا فعرضوا الأرش، فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله، أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أنس كتاب الله القصاص " فرضي القوم وعفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " (٢) .

ومن القياس:

أن ما دون النفس كالنفس في حاجته لحفظه بالقصاص، فكان مثل النفس في وجوبه (٣) .

واختلفوا في حكم القصاص من الجماعة ممن توفرت فيهم شروط القصاص إذا اشتركوا في الجناية على شخص واحد بجرح أو قطع عضو ونحو ذلك على قولين:

القول الأول: أنه يقتص منهم جميعا.

... وبه قال المالكية (٤) ، والشافعية (٥) ، والحنابلة في المذهب (٦) .

... واتفق أصحاب هذا القول على أن شرط وجوب القصاص عليهم في هذه الحالة هو اشتراكهم في اقتراف هذه الجناية دفعة واحدة على وجه لا يتميز فعل أحدهم عن فعل صاحبه، كأن يشهدوا بما يوجب قطع يده ثم يرجعوا عن شهادتهم، ويقولوا تعمدنا ذلك، أو يلقوا صخرة على شخص فتقطع طرفه، ونحو ذلك، بخلاف ما لو قطع كل واحد منهم عضو المجني عليه من جانب فلا يجب القصاص حينئذ؛ لأن جناية كل واحد منهم في بعض العضو، فلا يجوز أن يقتص منه في جميع العضو (٧) .


(١) آية ١٩٤ من سورة البقرة.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٢.
(٣) انظر: المهذب ٢/١٧٧، المغني ١١/٥٣١.
(٤) انظر: الاستذكار ٢٥/٢٣٦، الذخيرة ١٢/٣٢١.
(٥) انظر: الحاوي ١٢/٣٢، المهذب ٢/١٧٨.
(٦) انظر: المغني ١١/٤٩٣ وما بعدها، شرح الزركشي ٦/٧٧.
(٧) انظر: البيان والتحصيل ١٦/١٢٧، المهذب ٢/١٧٨، شرح الزركشي ٦/٧٨.