للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو فهمت هذه الآراء على أنها آراء خاصة بأصحابها لكان الخطب يسيراً ولكن مع الأسف فقد جعلت تلك المقالات الفاسدة والآراء الكاسدة حقاً ثابتاً ويقيناً راسخاً يقاس غيرها عليها، ويقرب ما نفر عنها منها، وهي حكم على ما سواها، وهذا انحراف خطير، وخروج بالأمر عن مساره، وقلب لموازينه، إذ أن حقيقة الآراء المبنية على الخرص والتخمين أن تبقى آراءً خاصة لا تتعدى قائلها، ولا تعطى أي صفة علمية.

ثالثا: أن ما ادعوه من النفس الكلية والعقل إن أثبتوا له الإرادة والقدرة على التصرف فقد زعموا أن المبدع الأول، على حد تعبير بعضهم قد صدر عنه الإرادة والفعل، مع أنه في زعمهم فاقد لهذه الصفات، وفاقد الشيء لا يعطيه، وإن لم يثبتوا للنفس الكلية أو العقل الإرادة والقدرة والفعل فقد عاد الأمر كما كان بالنسبة للمبدع الأول، فتكون النفس الكلية أو العقل مسلوبي القدرة والإرادة والفعل ومعطلين، فلا يمكن أن يوجد ويدبر ويتصرف كما هو الحال بالنسبة للأول، ولازم ذلك عدم وجود المخلوقات وذلك باطل معلوم البطلان.

رابعاً: دعواهم أن العقل أو النفس الكلية هي التي أوجدت الكون ورتبته ووضعت فيه نظامه وأحكمته وما إلى ذلك مؤد إلى أن المبدع الأول فيما يزعمون أوجد من هو أفضل منه وأكمل وأجل وأقدر وهذا خلف وضلال مبين، فكيف يوجد من هو أفضل منه وهو عندهم في الأصل عاجز تمام العجز.