خامساً: إن زعمهم أن الكواكب لها نفوس تدبرها وهي التي أوجدت الإنسان وما إلى ذلك، ظاهر فيه الكذب والضلال، فإن من أعظم الكواكب الأرض وفيها من الخيرات والأحوال ما ليس في غيرها ومع ذلك فظاهر لكل ذي عينين أنها جامدة مسخرة لا روح فيها، وإنما هي مكونة من تراب وحجارة وماء وغير ذلك من المواد الجامدة، ولها نظام في شكلها وهيئتها ووضعها في هذا الكون لا يمكن بحال أن تخرج عنه بنفسها، ولا يمكن أن تكون أوجدته هي بنفسها، فإذا كان هذا حال الأرض فالكواكب الأخرى لا شك مثلها في ذلك وهي أبعد عن أن تكون لها أرواح تدبر أمرها، وفي هذا الوقت اتضح كذبهم وظهر أكثر من ذي قبل خاصة بعد وصول أناس من البشر إلى القمر وما لم يصلوا إليه استطاعوا أن يصوروه أو يروه بالمكبرات فلم يتبين فيها إلا أنها أقل حالاً من الأرض بل إنها فاقدة لكل معاني الحياة على ظهرها، فبالتالي ادعاء أن لها أرواحاً وأنها مدبرة لهذا الكون أو موجدة لا يعدو أن يكون من الأساطير السخيفة التي لا تروج إلا على أسخف الناس عقلاً وأبعدهم عن الإدراك السليم.
سادساً: إن من نظر في قول الفلاسفة في إيجاد هذا الكون يدرك أنه مبني على أمرين:
الأمر الأول: نظر عقلي فاسد أوصلهم إلى أن الله ليس له أي صفة ثبوتية سوى الواحدية أو الأولية وهذا من أجل أن يتوصلوا إلى إثبات علة للوجود.
الأمر الثاني: الوثنية المغرقة في الضلالة والخرافة مما كان عليه المجتمع اليوناني في زمنهم من تأليه الكواكب واعتقاد أنها التي أوجدت هذا الكون وتتصرف فيه.