للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الفلاسفة قد يكونوا أجادوا بعض الإجادة في الكلام عن بعض المخلوقات أو الأمور المعنوية المتعلقة بالسياسة أو التربية ونحو ذلك، وكلامهم هذا مهما بلغوا فيه من حسن القول والإجادة لا يلزم أن يكونوا أهلاً لأن يتكلموا فيما وراء طاقة الإنسان وقدرته سواء فيما يتعلق بالله عز وجل، أو المخلوقات غير الظاهرة للعيان، فذلك غيب عن الإنسان، وعقل الإنسان وقدراته متعلقة بما يراه أو يرى شبيهاً له فيقيس عليه.

فحديثهم عن الله جل وعلا وحديثهم عن تكوين الكون ومادته وأصله كله كلام في أمر غير داخل تحت طاقتهم وقدرتهم، وكلامهم فيه لا يعدو أن يكون ككلام المتطفل على علم لا يحسنه. وهم في هذا مثل طبيب من أمهر الناس في الطب مثلاً هل يليق أن يذهب إليه أحد بناءً على حذقه في الطب فيسأله عن مسألة شرعية أو مسألة متعلقة بالسياسة أو مسألة متعلقة بالهندسة، لا شك أن هذا لا يليق ولا يصح.

ومن رام أن يأخذ من الطبيب جواب مسألة شرعية دقيقة أو مسألة متعلقة بالهندسة أو المحاسبة فهو مخطئ. فكذلك من رام أن يجد عند هؤلاء الفلاسفة علم ما يتعلق بالله عز وجل فقد أخطأ الطريق وأخطأ الهدف.

ثم إنه من رحمة الله عز وجل لما كانت وسائل البشر إلى معرفته المعرفة الصحيحة الكاملة مسدودة إلا من خلال الوحي أنزل الله في ذلك كتبه وأرسل رسله لتعليم الناس وتعريفهم به، وهذا من أعظم الرحمة وأعظم المنة من الله عز وجل على خلقه، لأنه بذلك يهيئ من شاء منهم إلى رحمته العظمى ورضوانه الأكبر في جنات عدن.

خاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله الذي هدانا بغير حول منا ولا طول، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلي الله على معلم البشرية الخير وهاديها إلى كل فلاح ونجاح نبينا وسيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

أما بعد: