للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - لا يتم الاستدلال به، لأن فيه اقتداء المتنفل بالمفترض ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في اقتداء المفترض بالمتنفل (١) . وقال الزرقاني (٢) إنها واقعة حال محتملة فلا ينهض حجة في عدم الكراهية.

وحديث أبي أمامة طرقه كلها ضعيفة كما قال الهيثمي (٣) .

وأما ما روي عن أنس - رضي الله عنه - فإنه يحتمل أن يكون المسجد مسجد الطريق الذي لا يكره تكرار الجماعة فيه، ويرجح هذا الاحتمال تكراره - رضي الله عنه - الأذان والإقامة الذي لا يجوّزه من جوّز تكرار الجماعة في مسجد المحلة. (٤) .

وقد أجيب عن هذه الإيرادات بما يلي:

أن حمل حديث التفضيل على الجماعة الأولى لا دليل عليه. والظاهر أن هذه الفضيلة تحصل لكل جماعة بقطع النظر عما ذكر، لأن الحديث دلّ على فضيلة الجماعة على المنفرد فيدخل فيه كل جماعة، ويقويه ما رواه ابن أبي شيبة (٥) بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي قال: "إذا صلّى الرجل مع الرجل فهما جماعة لهما التضعيف خمس وعشرين درجة" (٦) .

وأما حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - ففيه دليل على إعادة الجماعة - وهو المطلوب - وأما اقتداء المفترض بالمتنفل أو بالمفترض فهو بحث آخر لا علاقة له بموضوع البحث. وأما دعوى الزرقاني بأنها واقعة حال وقضية عين فلم أقف على دليل يدل عليه، والأصل أنه تشريع عام، والله أعلم.

وأما حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - فلا يضره ضعفه، إذ في الباب حديث أبي سعيد - المتقدم آنفاً - وقد حسّنه الترمذي وصححه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (٧) .

وفي الباب عن أبي موسى والحكم بن عمير (٨) وأنس وسلمان وعصمة بن مالك الخطمي. (٩) .


(١) انظر إعلاء السنن ٤/٢٤٨.
(٢) شرح الزرقاني على الموطأ ١/١٤٩.
(٣) مجمع الزوائد ٢/٤٥.
(٤) انظر إعلاء السنن ٤/٢٤٨.
(٥) المصنف ٢/٤١٢.
(٦) انظر فتح الباري ٢/١٣٦.
(٧) انظر نصب الراية للزيلعي ٢/٥٧.
(٨) سنن الترمذي ٢/٧.
(٩) نصب الراية ٢/٥٧،٥٨.