للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا ما روى عن أنس - رضي الله عنه - فلا يُردّ بالاحتمال الذي أوردتموه.

هذا وقد ناقش القائلون بتكرار الجماعة أدلة المانعين بما يأتي:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ليس نصاً في هذه المسألة، بل هو في التشديد على من تخلف عن الجماعة، أو أن المراد بالتهديد قوم تركوا الصلاة رأساً لا مجرد الجماعة، أو أن الحديث ورد في الحث على مخالفة فعل أهل النفاق والتحذير من التشبه بهم، لا لخصوص ترك الجماعة. أو أن الحديث ورد في حق المنافقين فليس التهديد لترك الجماعة بخصوصه، ذكره الحافظ، وقال: "والذي يظهر لي أن الحديث ورد في المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من العشاء والفجر" الحديث (١) ولقوله عليه الصلاة والسلام: "لو يعلم أحدهم أنه يجد ...الخ" لأن هذا الوصف لائق بالمنافقين لا بالمؤمن الكامل. (٢) وقال الشاطبي (٣) : الحديث مختص بأهل النفاق بدليل قول ابن مسعود: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق". (٤)

وأما حديث أبي بكرة فلا دليل لكم فيه فإنه يدل بعمومه على استحباب إعادة الجماعة - لا على منعها - بغض النظر عن أن تكون الإعادة في المسجد أو في البيت، فالإعادة حصلتْ، وهذا هو الشاهد، ثم إن هذا الحديث لا يُعلم حاله، كيف هو قابل للاحتجاج أم لا؟ وقول الهيثمي: رجاله ثقات، لا يدل على صحته إذ لا يلزم من كون رجال الحديث ثقات أن يكون صحيحاً، قال الزيلعي: (٥) في الكلام على بعض روايات الجهر بالبسملة: "لا يلزم من ثقة الرجال صحة الحديث حتى ينتفي منه الشذوذ والعلة".

وقال الحافظ في (التلخيص) (٦) عند الكلام على بعض روايات حديث بيع العينة: "لا يلزم من كون رجال الحديث ثقات، أن يكون صحيحاً".


(١) رواه البخاري ٢/١٤١.
(٢) انظر فتح الباري ٢/١٢٦،١٢٧.
(٣) الموافقات ٤/١٥٦.
(٤) رواه مسلم ٥/١٥٦.
(٥) في نصب الراية ١/٣٤٧.
(٦) التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ٣/١٩.