للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا إذا سُلم أن رجال هذا الحديث ثقات على ما قاله الهيثمي. لكن قال صاحب (العرف الشذى) - كما في (تحفة الأحوذي) (١) و (إعلاء السنن) –: "إن في سنده معاوية بن يحي وهو متكلم فيه".

وقد ذكر الذهبي (٢) أحاديثه المناكير وذكر فيها حديث أبي بكرة هذا وكذلك فعل ابن عدي. (٣)

ثم لو سُلّم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بأهله في منزله لا يثبت منه كراهة تكرار الجماعة في المسجد، بل غاية ما يثبت منه أنه لو جاء رجل في مسجد قد صُلي فيه فيجوز له أن لا يُصلى فيه جماعة، بل يخرج منه فيميل إلى منزله فيصلي بأهله فيه، وأما أنه لا يجوز له أن يُصلي في ذلك المسجد بالجماعة أو يكره له ذلك فلا دلالة للحديث عليه ألبتة، كما لا يدل الحديث على كراهة أن يصلي فيه منفرداً.

ثم لو ثبت من هذا الحديث كراهة تكرار الجماعة لأجل أنه صلى الله عليه وسلم لم يُصل في المسجد لثبت منه كراهة الصلاة فرادى أيضاً في مسجد قد صُلي فيه لأنه صلى الله عليه وسلم لم يُصل في المسجد لا منفرداً ولا جماعة، والحاصل: أن الاستدلال بحديث أبي بكرة المذكور على كراهة تكرار الجماعة في المسجد، واستحباب الصلاة فرادى ليس بصحيح. ذكره المباركفوري وقال: "ولم أجد حديثاً مرفوعاً صحيحاً يدل على هذا المطلوب". (٤)

وأما أثر الحسن "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخلوا المسجد - وقد صُلي فيه - صلوا فرادى" فقد أجاب عنه صاحب (تحفة الأحوذي) (٥) بأن صلاتهم فرادى إنما كانت لخوف السلطان محتجاً بما رواه ابن أبي شيبة (٦) حدثنا هشيم، أخبرنا منصور عن الحسن قال: "إنما كانوا يكرهون أن يجمعوا مخافة السلطان".

الترجيح:


(١) ٢/١٠.
(٢) في ميزان الاعتدال ٤/١٣٩،١٤٠.
(٣) في الكامل في ضعفاء الرجال ٦/٤٠١، ٤٠٣.
(٤) تحفة الأحوذي ٢/١٠،١١.
(٥) ٢/١١.
(٦) المصنف ٢/٢٢١ وذكره ابن عبد البر في الاستذكار ٤/٦٨.