للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذين قالوا باستحباب تكرار الجماعة لم يغب عنهم هذا المعنى - أي أنها إذا كانت تفضي إلى اختلاف القلوب والتهاون بها مع الإمام فإنها تكره وإلا فلا - ففي الروض المربع شرح زاد المستقنع (١) بعد أن ذكر المذهب، وهو: استحباب تكرار الجماعة، قال: "وعنه: تكره ...لئلا يُفضي إلى اختلاف القلوب، والتهاون بها مع الإمام" وقال ابن مفلح الحنبلي: (٢) "ولا تكره إعادة الجماعة" أي: إذا صلّى إمام الحي، ثم حضر جماعة أخرى استحب لهم أن يصلّوا جماعة... وقال القاضي: "يُكره لئلا يفضي إلى اختلاف القلوب..."، وقال ابن حزم: "... وأما نحن فإن من تأخر عن صلاة الجماعة لغير عذر لكن قلة اهتبال أو لهوى أو لعداوة مع الإمام فإننا ننهاه...". (٣)

نخلص من هذا إلى أن الفريقين يكادان يتفقان على مشروعية تكرار الجماعة إذا لم يكن التكرار على سبيل التداعي والاختلاف والافتراق ومنابذة الأئمة وشقاً لعصا المسلمين.

وأما إذا اتُّخذ التكرار ذريعة ووسيلة لتفريق الجماعة وتشتيت الكلمة وتمزيق الوحدة من قبل أهل الأهواء الزائغة والفرق المبتدعة أو كان يُفضي إليه - ولو غالباً - لم يكن مشروعاً، بل كان ممنوعاً، لأن ما يؤدي إلى الممنوع فهو ممنوع، والنظر في المآلات معتبر عند أهل العلم. قال الإمام الشاطبي: (٤)


(١) ٢/٢٧١.
(٢) المبدع شرح المقنع ٢/٤٦،٤٧.
(٣) المحلى ٤/٢٣٧.
(٤) الموافقات ٥/١٧٧، ١٧٨.