ينظر الإسلام إلى المجتمع كوحدة متماسكة يشد بعضها بعضاً قال تعالى:{تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة} . وهذا التعبير القرآني يذكر لنا خاصيَّة بشرية هي عطف الإنسان على شقيقه، وإذا وجد في المجتمع من يخالف تلك العاطفة الأخوية فيظلم أخاه فهي حالة شاذة لا حكم لها، إذا كان الأخ لا يظلم أخاه بل يعطف عليه ويرحمه فكذلك من اتصف بصفة الإيمان عليك أن تعامله بتلك المعاملة التي هي العطف والرحمة، وقد تجلى ذلك في أسمى صورة عرفها التاريخ بين المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم.
فالتشريع الإسلامي يَعُدُ التكافل الاجتماعي واجب من أهم الواجبات التي يتحتم على المسلم القيام بها، ولذا فهو يعتبر الإنفاق أصلاً من أصول البر قال تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ..} الآية.
فالإسلام يقدِّر حريَّة الفرد تقديراً لإنسانيته إلا أنه لا يجعل هذه الحرية مطلقة من كل القيود بحيث تؤدي إلى تعارض المصالح وضياع الحقوق، بل يقيَّدها بما يكفل سعادة المجتمع الذي هو جزء منه، فمثلاً نظام النفقات في الشريعة الإسلامية جعل كل فرد من أفراد المجتمع راعياً مسئولا عن رعيته، ابتداءاً بأعلى طبقة في المجتمع وهو الحاكم العام إلى أدنى طبقة كلٌ على حسب ما نيط به من مصالح للبلاد والعباد، فالمسئولية في هذا الحديث عامة.