ثم تصفهم الآية بلون من "خداع الرأي"في أنفسهم فهؤلاء تخدعهم آراؤهم في أنفسهم وتصور لهم الباطل حقا وهذا ما يسميه علم النفس الحديث بالاستهواء وهو تأثير امرئ في معتقدات آخر وسلوكه "أو في معتقداته وسلوكه هو"وهذا ما يسمى بالإيحاء الذاتي وأساس الاستهواء هو أن الأصل في كل فكرة تخطر بالبال لا تبقى مجرد صورة قائمة في الذهن بل تتحول إلى اعتقاد أو عمل بطريقة لا شعورية لا تعرف عنها شيئا يذكر ورأي الإنسان في نفسه إذا كان خاطئا قاده إلى أسوأ مصير؛ أي أن هؤلاء مخدوعون في رأيهم مغرورون في ذكائهم يظنون بأنفسهم الذكاء وهم أغبياء، يتوهمون - وبإيحاء من قرارة نفوسهم - أنهم قادرون على خداع الرأي العام وتظليله، بينما جماعة المؤمنين تعرفهم وتكشف سوء طويتهم وتفهم كل تحركاتهم {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ}[٨] .
ثم تستطرد الآيات فتصف النفسية وتأصِّل العلة فيها {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} والتعبير بكلمة مرض يوحي بتأصُّل العلة واستحكامها وأنها غدت آفات ثابتة يعز علاجها على الطب ويصعب تغييرها في المجتمع وكما توحي بتأصيل الخداع توحي كذلك بالنفور والفرار من أصحابها لأن علَّة القلب إذا كانت حسيَّة كانت منفرة فكيف إذا كانت معنوية!. كما باحتمال العدوى فإن من خالط المريض انتقلت إليه العدوى. وتوحي بالضعف لأن المريض لا يحتمل مقاومة وبخاصة إذا كان المرض قلبيا وكذلك هؤلاء ضعفاء مهازيل.
ولذا يستترون في كل الظروف ومرض القلب باطني وكذلك آفات هؤلاء مخبوءة ومرض القلب يحس صاحبه بالآلام المبرحة.. وهؤلاء كذلك يستشعرون الألم الممض إذا جلسوا إلى أنفسهم. وليس هناك أنكى من وخز الضمير فالشرير مهما سار في شره يظل دائما معذَّبا بنزعة الخير في داخله [٩] .