ولو حاولنا التذوق في تحليلنا للصور القرآنية لأعطانا التصور الدقيق كثيرا من إيحاءات اللفظ ومقدرته على العطاء. لذلك كانت حكمة الله لنا في الإسلام أن جاء مناسبا لكل زمان ومكان فجاء القرآن الكريم أحكاما عامة تتفق ومقتضيات الظروف والأحوال، مؤكدا كياسة المؤمن وفطنته وحسن تقديره لما يحيط به من ظروف وأحوال، إن ألفاظ القرآن الكريم لها القدرة على إيجاد تيار دائم ومتجدد يسترشد به المؤمن في واقع حياته، ويضرب القرآن مثلا للمنافقين في أسلوب أخَّاذ تحس فيه بالنبضات الحيَّة واللمسات الاجتماعية الرائعة التي تفيد المجتمعات البشرية في مسيرة الحياة فكان ولازال وسيظل مصدر التشريع الأول منبعاً فياضاً يمد العالم كله بالتوجيه والإرشاد والتعليم. يضرب الله مثلا للمنافقين بقوله سبحانه:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}[١٠] .
الصيِّب: الغيث الهاطل. والظلمات والرعد والبرق: من الظواهر الطبيعية الجويَّة التي آثرها القرآن للتوضيح والكشف وهي بسيطة مألوفة ولكنها أشدُّ أُلْفَةً في البادية حيث تأخذ الظواهر الطبيعية مداها من برق وأعاصير.