وقد أهملت هذه القاعدة التي وضعها الله تعالى للمسلمين وهي قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى حكمت أغلب الدول بغير ما أنزل الله، وتسلط عليها سفهاؤها وجدّوا في إضلالها فعاقبهم الله بالضعف والذل وتسلط عدوهم عليهم، إن المجتمع الإسلامي لا ينهض إلا بإقامة شرع الله في أرضه وتحقيق الخير وسط هذا المجتمع وإزالة الشر منه، وبهذا ينمو فيه الخير ويسود وينتفي فيه الشر ويزول لأن عمل الخير يجد من المساعدة ما ينميه، فهو في بيئة خيرة، وأما الشر فلا يستطيع الظهور وسط هذا المجتمع لأن كل ما حوله يعارضه ويمقته، ولو فرض وكان للشر أعوان فإن جماعة المسلمين الآمرة الناهية تعارض الشر وأهله فيبوء بالفشل لأنه لم يجد البيئة الصالحة لنموه.
فأخص صفات المؤمنين هي صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي ميزتهم قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ، وبهذه الصفة كانت الأمة الإسلامية خليفة الله في أرضه، وقد قلدها الله سبحانه وتعالى وسام الخير وفضلها على العالمين فقال:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ، وهي المعنية بقوله تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} ، وإذًا فهي الأمة التي أخرجها الله لقيادة العالم للخير، أمة عاملة تتقدم العالم في مناحي الحياة في منهاج إسلامي كله خير وبركة على العالمين تقود البشرية لصالح حياتها فتشعر الإنسانية برحمة الرسالة المحمدية لأن هذه الأمة: