وعلى المصلح أن يكون الإخلاص هو الدافع له على الصلح، وأن يكون صلحه سائرا تحت لواء الشريعة فلا ينفذ صلحا مخالفا للسنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم، مردود عليه لعدم صحته وقد رد صلى الله عليه وسلم الصلح الباطل في قصة العسيف حيث قال صلى الله عليه وسلم:"أما الوليدة والغنم (التي اصطلحتم عليه) فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام" رواه البخاري ومسلم، فيا أيها المسلم الذي وقع في مشكلة مع غيره عليك بقبول الصلح لما فيه من الخير الكثير والابتعاد من الشر المستطير ومن أعظم الأدلة على ذلك قصة صلح الحديبية الذي ظاهره النقص والضرر على المسلمين وفي باطنه ما تجلى من المنافع العظيمة التي ظهرت لكل واحد، ولما في قصة الزبير مع خصمه قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"اسق يا زبير ثم أرسل (الماء) إلى جارك" مريدا بذلك الصلح فلم يوافق الخصم على ذلك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اسق (يعني الزبير) ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر" رواه البخاري، مستوعبا في ذلك حق الزبير في صريح الحكم، فلو قبل الخصم الصلح لكان له فيه خير، وقد تكرر الأمر بالصلح والترغيب فيه كما سبق لما يحصل في الخصومات والمشاهدات من الأضرار العظيمة من سفك الدماء وذهاب الحقوق وتجسم العداوات والإساءة والإيذاء من آثارها مع ما يبذل في سبيل ذلك من الأقوال بحق وبدون حق مع أنها محرقة للقلوب داعية للهموم ومضيعة للوقت من دون جدوى ولا فائدة غالبا، بل ضرر ظاهر وعذاب وابتلاء قد يكون مستمرا فما على المسلم إلا أن يقبل الصلح متسامحا عن بعض حقه في اعتقاده ليرتاح من عناء تحقيق حقه وقد يضيع حقه كليا بسبب عدم خوف خصمه من الله وخصوصا في هذا الزمان وما فيه من زخرف القول الذي يجعل الباطل حقا والحق باطلا مما يخالف قول الله سبحانه {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى