هذا من ناحية الفرد، أما من ناحية المجتمع فهو الذي يحمي الفرد، ويحنو عليه ويدافع عنه، ويعز الفرد بإعزازه، ويقوى بقوته، ويعالجه إن مرض، ويساعده إن افتقر، ويرعاه طفلا، ويرحمه شيخا، ويتضامن معه شابا، وما أكرم هذه التوجيهات النبوية الكريمة، وهي تستل الضغينة من نفوس المحتاجين، وتضيء جوانب الكون لتسلط أضواءها على مناطق الضرر، التي تتوالد فيها أفكار السوء ومذاهب الهدم، وينبعث منها ما يهز المجتمعات ويشيع فيها روح التمرد على خير القيم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع إلا برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى" رواه أحمد.
وما أجمل تعاليم الإسلام، وعمر بن الخطاب يطبقها وهو أعدى الأعداء لليهود إذ يفرض ليهودي مسن من بيت مال المسلمين ما يكفيه، لأنه وجده فقيرا مسنا يتوكأ على عصا، وهكذا الإسلام يفرض للأفراد الفقراء والمحتاجين حقا في مال الأغنياء {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} حق تحارب من أجله الأمة، وتوجه قواتها الضاربة، إلى من منع هذا الحق أو وقف في سبيله، فهو ركن من أركان الإسلام وإذا لم يكف هذا المفروض حاجة المحتاجين، زاده الإمام بما يكفيهم "إن الله فرض على أغنياء المسلمين بقدر الذي يسع فقراءهم". رواه الطبراني في الأوسط، وإذا لم تتسع أموال الزكاة للوفاء بالمطلوب، فعلى الدولة من خزانة بيت المال إعالة المحتاجين والعاجزين يقول الرسول صلوات الله عليه " ... من مات فترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإليّ وعليّ" أخرجه ابن سعد من حديث جابر.