إن الرسول صلى الله عليه وسلم يشبه الأمة بركاب سفينة، تمخر عباب البحر فوق لججه العاتية، فلا يجوز للركاب أن يتركوا عابثا يخرقها، ولو في ملكه الخاص مهما كان حرا فيه، فإن أي حرية لابد أن تكون محدودة بإطار المصلحة العامة وإلا انقلبت فوضى، ثم يأمر الرسول بمنع العابث من عبثه لينجو هو وينجو جميعا منه وإلا هلك الجميع، {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وهكذا عقوبة الله لمن سبقنا من الأمم، لم تكن لمن كان ظلمه إيجابيا فقط، بل شملت الظالمين فعلا، ومن رضي بالظلم أو سكت عن مقاومته يقول تبارك وتعالى {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} .
وإذا كانت الأمة تعنى بالماضي وتوليه عنايتها، لأنه الأساس الذي لا غنى عنه في البناء للحاضر والمستقبل، وعندنا والحمد لله جامعات تعنى بقديمنا كما أن هنا صفوة ممتازة يعملون جاهدين على تصحيح عقائد المسلمين لئلا ترتكس الأمة، في ضلالات البدع الدخيلة على الإسلام عن قصد أو جهل، وحتى لا تنحرف البقية الباقية، فتسير في الطريق الذي سارت فيه الأمم قبلنا، ولئلا تهوي في مهاوي المخطط المهيأ لجذب شباب المسلمين لمعاداة دينهم، والمساعدة في هدمه.
كما أن عندنا والحمد لله نخبة صالحة تحيي التراث القديم، وتبعث الماضي المشرق بحفظها ودراستها لكتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يتصل بهما من علوم القرآن وعلوم السنة لتنحية الدخيل الخبيث، والإبقاء على الأصل الصحيح.