وأخذ حانوت عبد الله يتعرّى من محتوياته يوما فيوما، حتى أوشك أن يفقر من كل السلع التي اعتاد أن يحتويها.. وقد بدأ هذا الانقلاب فيه منذ عودته من أستورية إذ جعل يبيع الشيء ثم لا يأتي له ببديل.. وشرع في تصفية حسابه مع شركائه وزبائنه دون أن يخبر أحد بما يريد.. إلا أنه لم يستطع كتمان نواياه عن أخيه، وعن بعض الشيوخ الذين تلقى عليهم بعض ما يعلمه من أمور دينه، إذ دعاهم إلى بيته ذات يوم بُعَيد صلاة العشاء، ثم أطلعهم على السر الذي أقلق باله وزلزل أعصابه وشحن صدره بالخوف على بنيه.. وأعلن لهم تصميمه على الهجرة إلى استامبول حيث ينقطع لطلب العلم على علمائها حتى يقضي الله أمره فيه.. ولم يجد من مستشاريه أية معارضة، فهم لا يقلون عنه قلقا، وقد زادتهم قصة مصحف الأستوري تشاؤما من المستقبل، وتمنوا لو أنهم يستطيعون مرافقته في هذه الهجرة!..