للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان للمسجد النبوي سلطانه العميق على مشاعره، فلا يكاد يفارقه إلا لضرورة قاهرة.. وقلما يستطيع التغلب على دموعه كلما وجد نفسه في تلك الروضة المباركة، وعلى مقربة من الضريح الذي نزله أحب البشر إلى قلبه.. ولم يلبث أن صار واحدا من طلاب العلم الوافدين مثله من أنحاء العالم على تلك الحلقات التي أحس بملء جوارحه أنها لا تقدم إليه المعرفة وحدها بل المعاني الروحية التي لم يحس بمثلها قط قبل اندماجه في هذه الحلقات..

وذات يوم بينما هو خارج من صلاة الجمعة يخوض غمار البشر الصادرين مثله من ذلك المورد العزيز، لاحظ توقف الكثيرين منهم في رحبة باب السلام، وقد اتجهوا إلى نقطة معينة من وسطها، وأطل الناس من بيوتهم المجاورة يحدقون إليها.. فلم يتمالك أن يتقدم ليتطلع الخبر.. وإذا هناك كوكبة من الجند يتوسطهم رجل مربوط العينين، وقد وقف إلى جانبه قاضي المدينة يتلو القرار الذي أصدرته المحكمة الشرعية على السارق بقطع كفه، تنفيذا لحدود الله! ولم ير الحاج عبد الله هناك ضرورة للبقاء من أجل مشاهدة التنفيذ، فمضى في طريقه يكاد يطير من نشوة السعادة، وهو يردد: إذن فالإسلام هو الذي يحكم الناس هنا!.. وإذن فهنا المقام.. وهنا المستقر إن شاء الله!..