للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عمر الزاهد ببغداد، حدثنا أحمد بن الحسن الواعظ، حدثنا خلف بن محمد الهمداني، السبحي [٢٠] ببيت المقدس، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا أبي، قال سمعت يوسف بن يونس الجرجاني، يحدث عن عبد الرحيم بن حبيب، قال سمعت وكيع بن الجراح، يقول: قالت أم سفيان الثوري لسفيان: يا بني أطلب العلم، وأنا أكفيك من مغزلي، يا بني إذا كتبت عشرة أحاديث، فانظر هل ترى في نفسك زيادة في مشيك، وحلمك ووقارك؟ فإن لم تر ذلك، فاعلم أنه يضرك، ولا ينفعك [٢١] .

قلت: يستدل من هذه الرواية على عدة أشياء:

١- أن سفيان رحمه الله تعالى نشأ في سنه المبكر بدراسة السنة، وكانت أمه تعينه على العلم، وتوجهه إلى الخير، وترشده إلى كيفية العمل بالسنة، وأخذها.

٢- أنها كانت رحمها الله تعالى عالمة وعابدة وزاهدة تقية وورعة تحث ابنها على تعلم العلم، وتكفيه عن مؤنة العمل وأنها كانت تكسب بيدها فتسد رمق ابنها من عملها الخاص لكي يتفرع للعلم، ويظهر هذا أنه كان في صغر سن سفيان الثوري والله أعلم.

٣- وهذا الكسب بيدها أدى إلى براعة سفيان الثوري في ورعه، وزهده، وتقواه، وفي علمه، وعمله الذي ضرب به المثل الأعلى في التضحية والفداء أمام الخلائق.

٤- كتابة السنة، عمل حافل في سجل المحدثين.

٥- ما كان يكتفون بالكتابة وحدها بل حفظها في الصدر، والعمل بها كما رأيت من نصيحة أم سفيان لابنه رحمهما الله تعالى.

قال الحافظ أبو نعيم: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق، ثنا أبو إسحاق السكوني، ثنا مبارك بن سعيد، قال رأيت عاصم بن أبي النجود، يجئ إلى سفيان الثوري يستفتيه، ويقول: أتيتنا يا سفيان صغيرا، وأتيناك كبيرا [٢٢] .

قلت: هذه الرواية أيضا تعطينا فكرة عن نشأة سفيان الثوري على أنه نشأ على العلم، والفضل والسعي وراء أخذ العلم في صغر سنه.