أما الإمام الغزالي، فقد مزج المنطق الصوري بعلوم الإسلام: ويظهر هذا المزج في مقدمة كتابه المستصفى واعتبر الغزالي أن المنطق الأرسطي شرط من شروط الاجتهاد وإلا فإن من لا يأخذ به لا يوثق بعلمه. وقد اعترض الفقهاء المسلمون الغزالي في ذلك ونقدوه. وبعد الغزالي، أي في القرن الخامس الهجري وما بعده، بدأ المسلمون مزج المنطق اليوناني بالأصول واعتقده كل حسب اجتهاده، وبذلك فقد المنهج الإسلامي شيئا من ذاتيته في مادة الفقه على الأقل.
٣- المنهج العلمي عند علماء الإسلام:
من الطبيعي وروح الإسلام تدعو إلى الواقعية، أن لا يهضم العقل الإسلامي الصحيح منهج اليونان في البحث، وطبيعي أيضا أن تقوم تلك الثورة الفكرية المتجلية في نقد علماء الإسلام (متكلمين وفقهاء) لذلك المنهج وأن يقع إنشاء منهج ينبع من معتقدهم وذاتيتهم تكون دعامتاه: المحسوس والفكر.. يعتمد المنهج الإسلامي المحسوس منطلقا للبحث عن طريق الملاحظة والتجريب. ثم يسلط العقل للمقارنة وتأويل لمعاني المبهمة التي تمدنا بها الحواس فيحلل ويعلل لاستنباط الحقيقة التي تشرح الواقع وتزيح غموضه. إذن فهو منهج يجمع بين التجربة والتفسير العقلي. إذ أن التجربة وحدها لا تكفي إذا لم يعضدها العقل لتنظيمها وتأويلها، كما أن العقل وحده لا يكفي لمدنا بالمعرفة الموضوعية إذا لم تآزره التجربة. وما التجربة إلا حوار مع الطبيعة.