مضت سنة الله الكونية أن يختلف الناس وأن يتبع ذلك الاختلاف حروب بين طائفة وأخرى، تستولي الطائفة المنتصرة على أموال الطائفة المنهزمة، وتسبي نساءها وذراريها وتأسر رجالها وتسترق الجميع ويكونون عبيدا يتصرفون فيهم تصرفهم في أموالهم، هكذا كان الناس يفعلون قبل الإسلام من العرب وغيرهم، وكانت معاملة العبيد عندهم سيئة جدا، بل كانت طرق الاسترقاق متعددة؛ فمنهم من يسترق الأجير، ومنهم من يسترق المرأة ومنهم من يسترق ذا لون معين، فلما جاء الإسلام أبطل كل تلك الطرق ما عدا طريقا واحدة وهي استرقاق أسرى الحرب، فقد أبقاها لأن في إلغائها ضررا على المسلمين لأن الكفار إذا انتصروا عليهم سيسترقونهم، وترك استرقاق الكفار مع كونهم يسترقون المسلمين ليس من العدل، فالطريق الوحيد للاسترقاق في الإسلام هي استرقاق أسرى الحرب فقط وهي طريق عادلة كما مضى لأنها معاملة بالمثل.
عناية الإسلام بتحرير الرقيق
لقد اعتنى الإسلام بعتق المماليك عناية عظيمة وفتح له أبوابا كثيرة.
١- فهو يحث المؤمن أن يعتق مملوكه ويعده على ذلك بجزاء عظيم كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها - أي عضو - إربا منه من النار".
٢- أوجب على من حصل منه القتل خطأ عتق رقبة مؤمنة في ثلاث حالات لا ينتقل من العتق فيها إلى غيره إلاّ إذا لم يجد ما يعتق.
أ- أن يقتل مؤمنا خطأ وأولياؤه مؤمنون فيسلم لهم الدية ويعتق رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين.
ب- أن يقتل مؤمنا خطأ وليس له أولياء مؤمنون كان بكون من قوم كفار محاربين أو كان ذميا فعلى القاتل أن يعتق رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين كذلك.