للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كافحت اللغة العربية بعزيمة لا تعرف الكلل وبهمة لا تعرف الملل، بل كافحت بشراسة عن بقائها أمام حملات الاستعمار الغربي عليها منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي - تلك الحملات التي اتهمت اللغة العربية - زوراً وبهتاناً - بالعجز عن أداء مهمتها إزاء المخترعات الحديثة. وكان رد الفعل العملي في مواجهة هذا الهجوم العاتي والتيار الجارف لو أد اللغة العربية هو ظهور المعاجم العربية في لبنان ومصر، ثم نشأت مجامع اللغة العربية في سوريا ومصر والعراق، ولقد كان للأزهر في مصر وجامع الزيتونة في تونس والقرويين في المغرب وجمعية العلماء في الجزائر دور هام في هذه المعركة التي انتصرت فيها اللغة العربية - بحمد الله - في النهاية. وقد تعاونت معاهد العلم في النجف وسوريا والحجاز والسودان وليبيا في إحراز هذا النصر. ولقد جرت محاولات جادة لإدخال كلمات جديدة إلى اللغة العربية بالنحت أو بالاشتقاق أو بالترجمة أو بالتعريب.

وإذا كان خصوم اللغة العربية قد حملوا ذات يوم لواء الدعوة إلى (العامية) أو إلى كتابة العربية بحروف لاتينية) فإن دعواهم وهي الأخرى قد فشلت فشلاً ذريعاً.

ولقد جرت دعوة أو دعوات لحث المسلمين على استعمال لغة واحدة بينهم. وأي لغة أصلح لذلك غير اللغة العربية التي هي لغة الدين الإسلامي، الذي يوجد بين البشر جميعاً، والذي من تعاليمه تلاوة القرآن في الصلاة باللغة العربية وهذا يحتم أن تكون العربية لغة المسلمين، في كل مكان من بقاع المعمورة.

ولعل الدعوة التي يحمل لواءها جلالة الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية نحو تضامن المسلمين تؤتي أكلها بعد حين فنرى اللغة العربية وقد أصبحت حقيقة لغة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.