ويقول أحد المستشرقين النمساويين أن سبب اهتمام الأوربيون باللغة العربية هو الدعاية الدينية ابتداء من الحروب الصليبية.
ولعل المتتبع للألفاظ العربية عند دراسته للغة أخرى من اللغات يجدها بارزة ظاهرة في كل لغات أوربا بشكل ما. فهي ذات أثر في الأسبانية والبرتغالية والفرنسية والإنجليزية والألمانية بل والهولندية والإسكندنافية والروسية والبولوندية والإيطالية. وقد عثر الباحثون في جهات البلطيق في أوربا على مسكوكات عربية إسلامية يبدو أنها من آثار تجار العرب المسلمين الذين وصلوا إلى تلك المناطق.
وإذا كان من المستشرقين من يهاجم العربية ويرى أنها لغة شائقة ولكنها شاقة جداً على من يريد أن يتعلمها وأن نطق هذه اللغة يمثل صعوبة كبرى للأوربي خاصة بل منهم من يبالغ فيراها لغزاً. إلا أن الحقيقة التي لا جدال عليها ولا اختلاف هي أن اللغة العربية آية للتعبير عن الأفكار وهي مرتبطة بتاريخ العرب المجيد والإسلام الباقي إلى الأبد.
وليس قصور الأداء في اللغة العربية بالنسبة للمخترعات الحديثة عيباً في اللغة العربية ذاتها وإنما العيب في أصحاب العربية الذين وقفوا بها حيث تركها الأولون. كما وأن اللغة التي لم تقتبس من لغات أخرى كلمات ومفردات لا وجود لها مطلقاً فيما هو شائع من لغات عالمية.
ولقد أتيح لي أن أطلع على مصنف الأستاذ حسن حسين فهمي الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة القاهرة وعنوانه (المرجع في تعريب المصطلحات العلمية والفنية والهندسية) وقد أوصى بنشره مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
ويهدف هذا الكتاب إلى إثبات أن اللغة العربية تستطيع أن تستجيب للبحث العلمي وأنها تسع المصطلحات العلمية في علوم الهندسة الحديثة وفنون الصناعة الجديدة، ولكن بشرط أن يمارس هذا خبير بالعلوم المذكورة وبالفقه اللغوي ودقائق العربية في نفس الوقت.