وقوله:" اركض برجلك "مقول لقول مقدر معطوف على نادى والتقدير: فقلنا له اركض. وقوله "هذا مغتسل بارد وشراب" مقول لقول مقدر معطوف على مقدر أيضا يفهم من السياق تقديره: فركض بها فنبعت له عين فقلنا له: هذا مغتسل بارد وشراب، فاغتسل وشرب، فأزلنا ما به ووهبنا له أهله. والمغتسل اسم مفعول على الحذف والإيصال والأصل: مغتسل به أو منه. وقال مقاتل: هو اسم مكان أي هذا مكان تغتسل فيه. وظاهر السياق يشهد للأول وقوله "رحمة " مفعول لأجله. وذكرى معطوف عليه أي وهبناهم له لأجل رحمتنا إيّاه وليتذكر بحاله ألوا الألباب. أي ليصبروا على الشدائد كصبره، ويلجئوا إلى الله تعالى كلجوئه، فيحسن عاقبتهم كما أحسن عاقبته. وقوله "وخذ بيدك ضغثا" عطف على اركض. وقوله"إنا وجدناه صابرا" تعليل لتفريج كربه وتيسير أمره وتهوين الضرب المحلوف عليه. والمخصوص بالمدح في قوله "نعم العبد "محذوف تقديره: أيوب. وقوله "إنه أواب" تعليل لمدحه عليه السلام.
المعنى الإجمالي:
وتذكر يا محمد قصة عبدنا أيوب، تذكر دعاءه لربه، والتجاءه إليه، لما أصابه الضر ففرجنا كربه، وأزلنا ضره وقلنا له: اضرب برجلك، فضرب بها، فنبعت له عين ماء، فقلنا له: هذا ماء تغتسل به وشراب تشرب منه، فاغتسل وشرب، فذهب ما كان يعانيه، وسلمنا له أهله، وزدناهم إلى الضعف، لأجل رحمتنا إياه، وليتذكر بحاله أصحاب العقول فيلجئوا إلى الله كما لجأ، فيكشف ضرهم، ويفرج كربهم، وقلنا له: تناول بيدك حزمة من حشيش فاضرب به هذا الحبيب، وبر بيمينك، لأنه اختبر في باب الصبر فنجح، نعم العبد أيوب، إنه رجّاع إلى مرضاة ربه.